أكتشف بنفسك : الصفحة الرئيسية > تبادُل > علم الفلك والفضاء > سؤال/ جواب
نشأة الكون واسترجاع الانفجار الأعظم
١٦/١٢/٢٠٠٢
تاريخ
 
سؤال من
 

لقد قرأنا كتابا  وكان ذلك تابعًا لحصة في فصل مع تلاميذ المرحلة الثانية، والذي يشرح أن الانفجار الأعظم هو الذي ولَّد الطاقة. سأل أحد التلاميذ هذا السؤال "كيف تم الانفجار الأعظم إذا لم يكن هناك طاقة؟". وجدت سؤاله وجيه جدًا، ولكنني لا أعرف الإجابة. وقد انتظر الرد بفارغ الصبر علي هذا الموضوع حيث ظهر عليه الشغف لمعرفة الإجابة.

 

 
 
٠٦/٠١/٢٠٠٣
تاريخ
 
إجابة من
 

إنه سؤال في غاية الصعوبة ويستحق إيضاح بعض الأشياء.
تذكروا أولا كيف أتت فكرة الانفجار الأعظم:

  • أوضحت الملاحظات أن كل المجرات تتباعد عنا، وهو ما نفسره باتساع الكون. ولنفترض أن موقعنا لا يحظى بميزة كبرى (متبعين في ذلك فكرة Copernic، الذي انتزع الأرض من مركز المجموعة الشمسية) وهذا الاتساع شامل وتتباعد كل مجرة عن المجرات الأخرى. فلا يوجد إذً مركز اتساع؛ فصورة الانفجار مضللّة.
  • وإذا الكون في اتساع، فسوف يخف. ولكن عند استرجاع التاريخ بالعكس فقد كان أكثر سمكًا (بالتالي أكثر سخونة) في الماضي. في عام ١٩٤٨ حسب العالِمGeorge Gamow أن الكون يجب أن يُملأ بإشعاع منخفض الحرارة. تم اكتشاف هذا الإشعاع في عام ١٩٦٥ وقُدِّرت درجة حرارته بثلاث درجات كلفن، ما يعادل -٢٧٠ درجة مئوية (القياسات الحديثة أعطت تقريبًا ٢.٧ كلفن). ومن هنا يمكن أن نثبت أن مادة الكون مرت بمرحلة كانت تقارب الحرارة فيها ٣٥٠٠ درجة كلفن.
  • أظهرت مشكلة أصل العناصر الكيميائية أنه يمكن أيضًا التقدم في تاريخ الكون حتى نصل إلي درجة حرارة تصل إلي ١٠ ملايين كلفن. وتتمثل القوة الهائلة لنموذج الانفجار الأعظم في شرح هذه الملاحظات الثلاث في آن واحد. ويمكن إبعاد النموذج أكثر حتى نجعله "يتحدث" عما حدث في الماضي البعيد، فيما يفوق ١٠ ملايين درجة كلفن. لم تكن المحاولة دون جدوى، ولكنها يمكن أن تكون غيرسليمة حيث أن الفيزياء الحديثة غير قادرة علي وصف المادة حين تتعدى درجة الحرارة، في الإجمالي، ١٠٣٢ درجة كلفن، فتكون بالتالي ساخنة جدًا جدًا... وعلي وجه الخصوص مازالت نظرية واحدة قادرة علي وصف كلٍّ من الجاذبية (نسبية آينشتاين) والميكانيكا الكمية (أنظر ما يلي). كل تلك التمهيدات تساعد على القول بأن ما يأتي، بالتطبيق علي الكون، ما هو إلا تأملات وأن مشكلة أصل الكون ما زالت مفتوحة. ونعود الآن للسؤال: نعم، يدّعي بعض الفيزيائيين أن الكون قد نشأ من "انقلاب كمي للفراغ". على ماذا يدل ذلك؟ فلنبدأ بكلمة "كمّي". تهتم الميكانيكا الكمية بعالم ما وراء الذرة، والذي يتصف بعدم التأكد. وقد قذفت في بداية القرن العشرين تعريف الميكانيكا الكلاسيكية. أوضحت إحدى تلك النتائج أن طاقة نظام معزول لا تُخَزَّن مطلقًا ويمكن أن تتقلّب، يمكن للنظام أن "يقترض" الطاقة ولكن بشرط أن يحدث ذلك في وقت قصير. وبصفة خاصة، يمكن للفراغ أن يتقلّب! فبالتالي لا يعد الفراغ فراغًا تامًا، فقد يمكن ظهور المادة أو الطاقة تلقائيًا. وحسب نظرية آينشتاين للجاذبية، فأي مادة وأي طاقة قد تأثر علي تشكيل الفضاء والوقت. فيمكن إذًا لتقلبات الطاقة أن تغير في الهيكل الزماني والمكاني للكون. وحسب البعض، يمكن لتقلب الفراغ أن يزداد حتى يُولِّد منطقة كبيرة – تمتد لتشمل كل الكون المرئي - في عالمنا! وكما أن لا شيء يمكن أن يدل علي أن مثل ذلك الحدث فريد من نوعه فيمكن أن نتخيل نشأة أجزاء من الكون تكون متشابهة لتلك الخاصة بنا. وإني أكرر أنه ما من نظرية يمكنها تطوير تلك الأبحاث بثقة، ولا أي ملاحظة يمكن أن تؤيدها. وفي النهاية يمكن أن تعطي الفيزياء وصفاً أقرب ما يكون للصحة للحظة ما في الماضي البعيد ولكنها تظل صامتة أمام التساؤل حول نشأة الكون. ومن الناحية الفيزيائية يمكن احتساب النشأة مثل الحدث الدال علي الانتقال بين الماضي والمستقبل، مما يلزم - حتى يكون هناك معنى لكلمة "ماضٍ"- وجود الوقت والفضاء والقوانين الفيزيائية قبل ذلك الانتقال. ونصل بذلك إلي المفارقة التي تفيد بأن نشأة الكون تفترض وجود الكون! فبالتالي لا يعد علم الكوبيات علما بسيطًا.
 
 
أدوات
© اكتشف بنفسك ٢٠٢٤